التكروري او القنب على مر التاريخ في العالم و تونس

التكروري او القنب على مر التاريخ في العالم و تونس

يعتبر القنب من أول النباتات التي استغلها الإنسان حيث أن تاريخها يعود الى العصر الحجري الحديث في آسيا – 9000 سنة تقريبا- و قد نقلت الى بقية العالم عن طريق الهجرة.

و قد تم العثور في الموقع الأثري بجزر الاوكي في اليابان على ثميرات نبتة القنب تعود الى 8000 سنة قبل الميلاد والتي ترجح لاستهلاك النبتة في تلك الحقبة الزمنية.

و ترجح ابحاث اخرى في الصين الى ان استعمالات نبتة القنب في الصين تعود الى العصر الحجري الحديث حيث انها كانت تستعمل كلألياف لتغطية الأواني في حضارة يانقشاو الصينية ليستعمل القنب لاحقا في الصين لصناعة الملابس و الأحذية و الورق في أشكاله الأولى..

كان ايضا للقنب استعمالات غذائية عول عليها الإنسان مع ظهور الزراعة حيث ان النبتة توفر مصدرا غذائيا يحتوي على فوائد عديدة مع بعض الدلائل على استعمال محاصبله في كوريا سابقا.

و قد ضهر الاستعمال الطبي للقنب في الصين 2900 سنة قبل الميلاد حيث ان المخطوطات ترجح انتشار استعمالاته الطبية في تلك الحقبة بينما ترجح مخطوطات اخرى تعود الى 2700 قبل الميلاد ان الامبراطور شان نونق هو من اكتشف الخصائص الطبية لنبتة القنب بينما استعمل القنب الطبي في الحضارة المصرية القديمة منذ 1500 قبل الميلاد كعلاج للجلوكوما والالتهابات و فقر الدم مرورا بالهند حيث تم استعمال خليط من القنب و الحليب كمخدر طبي و دواء لعدة أمراض و قد اعتبر زرادشت مؤسس الدين الزرادشتي في الحضارة الفارسية ان القنب من اهم 10000 نبتة طبية وصولا الى العرب حيث 

انتشر القنب عند الفرس و العرب لاحقا وصولا الى شمال افريقيا مع امتداد الحضارة الاسلامية كاسعمال طبي و ترفيهي خصوصا لمنع استهلاك الخمور في الحضارة الاسلامية.

التكروري في تونس

استنادا على كتابات عبد الواحد المكني فان عادة استهلاك القنب الترفيهي ليست بغريبة على المجتمع التونسي حيث ان انتشاره بين التونسيين كان يئا عاديا مقبولا مجتمعيا و تجارته كانت – ولا تزال- تجارة مربحة

“و عن جذور تواجده بالبلاد التونسية ترشدنا المصادر إلى ظهوره منذ مطلع القرن السابع عشر على الأقل و قد تم استهلاكه مثل القهوة و الدخان في إطار عمومي و تصوفي أيضا بل ربما ساهم المتصوفة في مزيد انتشاره و ربما أدّى توسع الانتشار إلى ظهور الجدل حول التحريم و التحليل في مطلع القرن الثامن عشر و الثابت انه في مطلع القرن التاسع عشر كان مخدر التكروري محل تجارة مربحة و موسعة لبعض أعيان التجار و المخزن و هو ما أدّى بعثمان باي سنة 1814 إلى حرق و إتلاف كميات كبيرة في عملية هي أشبه بالمسرحية إذ تم اتهام هذا الباي باستهلاك حشيش التكروري “بلغه أن أناسا اتهموه باستعمال الدخان الأخضر وهو المعروف في بلادنا بالتكروري ، فأمر بإحراق جميع ما في الحاضرة منه بشاطئ البحيرة.. وضاعت به أموال على أربابها ” فالواضح ان الاستهلاك والمتاجرة في هذا الصنف كانت رائجة في صفوف جميع الشرائح بما فيها الفئة التركية الحاكمة كما ان هذا الحشيش كان يزرع بالبلاد و كان ضمن المكروهات أكثر منه ضمن المحرمات فيذكرا لوزير يوسف صاحب الطابع الذي لام الباي على صنيعه ان ” حرق التكروري ليس كإبطال الخمر الذي فعله والدك في آخر أمره لأنها أم الخبائث باتفاق المسلمين… و كان الأولى أن تنهى الناس عن زرع هذه الحشيشة بأرض المملكة من زرعها بعد النهي فقد تعدّى فاحرق بضاعته حينئذ…. و ابعث من تثق به إلى الحاضرة تجد مخازن مملوءة منه” لم تكن مسرحية حرق كميات التكروري من قبل عثمان باي سنة 1814 قادرة عن إنهاء عادة استهلاكية منتشرة و تجارة مربحة و زراعة معلومة و قد تواصلت الظاهرة خصوصا بعد استعمار الجزائر من قبل فرنسا فكانت مادة الكيف إحدى أبرز المواد المهربة من الحدود الغربية الجزائرية طيلة القرن التاسع عشر. و نتساءل عن مجريات تجارة و استهلاك و زراعة التكروري في البلاد التونسية في ظل الواقع الجديد أي زمن الهيمنة الرأسمالية الاستعمارية الفرنسية و كذلك زمن تغير و تحول المجتمع التونسي في ثقافاته و ذهنياته.”

Source : https://journals.openedition.org/insaniyat/6027#tocto2n5

 

فكيف تمكن قانون 52 من شيطنة نبتة و عادة قديمة في المجتمع التونسي و تقبل الناس فكرة “العام و فاسبا” كعقاب على الاستهلاك الشخصي لنبة ان كانت مضرة لا تضر الا مستهلكها ؟

و لمذا لا يتم ادراج القنب الطبي كدواء متوفر للعموم نظرا لسهولة استخراجه و لتأثيراته اللتي ايدها العلم على عديد الأمراض و استغلاله منذ العصور القديمة كدواء فعال طبيعي؟